عندما نتحدث عن طرق ترشيد استهلاك المياه ، فلا شك أن الزراعة هي واحدة من أهم المجالات التي يجب النظر إليها بعين الاعتبار، كونها هي المصدر الأول، والرئيسي الذي يؤدي إلى إهدار المياه العذبة الصالحة للاستخدام الآدمي، صحيح أن هناك العديد من الاستخدامات الخاطئة التي يمارسها البشر تؤدي هي الأخرى بإهدار الكثير من أطنان المياه، ولكن بالنسبة للزراعة، فـ نسبة المهدور من المياه أعلى بكثير، حيث أثبتت الإحصائيات أن أكثر من 70% من المياه العذبة يتم إهدارها سنويًا على الزراعة عالميًا، لذا يرشدكم موقع كماشة في ذلك المقال إلى أهم الطرق التي تساعد على ترشيد استهلاك المياه في الزراعة فتابعونا.
استهلاك المياه في مجال الزراعة
تؤثر المياه بشكل رئيسي في جودة المحصولات التي يتم زراعتها، فكلما كانت المياه ذات جودة عالية، كلما ساهم ذلك في جعل المحصولات الزراعية أكثر سلامة، ففي حالة استخدام نوعية مياه رديئة، أو ملوثة لري الأرض الزراعية، ممكن أن يؤثر ذلك على جودة المحاصيل الغذائية التي يتم استخراجها من التربة، حيث يمكن أن تتسبب المياه الملوثة، في جعل الناتج من المحاصيل الغذائية مضر بالصحة، مهما كان نوع السماد المستخدم جيد، مما يؤدي إلى المرض عند استهلاكه.
على سبيل المثال، في حالة إذا كان الماء المستخدم للزراعة ملوث، سيؤدي ذلك إلى انتقال الجراثيم إلى المحصولات الغذائية، وبالتالي عندما يتناولها البشر، سيؤدي ذلك إلى إصابتهم بالتسمم الغذائي، وكم من حوادث تسمم غذائي شاهدناها على مدار السنوات الماضية كان مصدرها تناول خضراوات، مثل، الطماطم، والخيار، والبطاطا، والجزر أو فواكه ملوثة، مثل، العنب، والفراولة، والفواكه بنسبة أكبر، لأن الخضروات يتم طهيها في الغالب، أما الفاكهة، فهي تقدم كما هي بدون تعريضها للحرارة. وهذا إن دل، فهو يدل على إن المياه العذبة النظيفة ضرورية جدّا للزراعة.
وبالرغم من أن المياه النظيفة مهمة جدًا للزراعة لخلق محصولات زراعية قابلة للاستهلاك الآدمي، فإنها على الجانب الآخر تؤثر بشكل فعلي على مخزون المياه المتواجد عالميًا، لأن المياه المستخدمة في الزراعة تفوق أضعاف المستهلكة في الاستخدام الآدمي، وهذا بالتأكيد يشكل خطورة على حياة الإنسان، فإن وجد الغذاء، فهو مهدد بفقدان المياه.
طرق لترشيد استهلاك المياه
نظرًا للنسبة المستهلكة من المياه في الزراعة، فقد توصل العلماء إلى العديد من الطرق التي تساهم في تقليل النسبة المهدورة من المياه للزراعة عن طريق الطرق التالية.
1- استخدام الري بالتنقيط
هذا المصطلح ليس حديث العصر، فهو مستخدم منذ العديد من السنوات، حيث يعتبر الري بالتنقيط واحدة من أهم طرق ترشيد الاستهلاك للمياه المستخدمة في الزراعة، وهو يعتمد على تطبيق كميات صغيرة من الماء بشكل مباشر قدر الإمكان على جذور المحاصيل الزراعية التي يتم ريها، بدلًا من إغراق الأرض بالمياه، ومن ثم تفريغ الفائض منها، وهي أيضًا تعد حل عملي يتم استخدامه في عمليات الري الزراعي إلى الآن.
2- استخدام المياه الجوفية
تعتبر المياه الجوفية واحدة من أكثر مصادر المياه أمانًا في عمليات الزراعة، وهي تأتي من الآبار، ولكن الاعتماد عليها يعتمد على موقع الحقل نفسه الذي سيتم ريه، وحجم الحقل، فإن كان الحقل يقع في منطقة بعيدة عن مكان تواجد المياه الجوفية، قد يجعل هذا من الصعب إمداد المياه إلى الأرض الزراعية من الآبار الجوفية، مما سيجعل الاعتماد على المياه الجوفية في عمليات الزراعة لترشيد استهلاك المياه العذبة أمرًا لا يمكن تنفيذه.
3- استخدام المياه البديلة
المهدر من الماء كثير جدًا، لذا بدلًا من الاعتماد على المياه العذبة بشكل كامل لري المحاصيل الزراعية يمكن البحث عن المياه المعاد تدويرها، أو المياه قليلة الملوحة، أو حتى المياه المالحة، واستخدامها بعد معالجتها، وهذًا بدلًا من إهدارها بلا قيمة، ومؤخرا هناك توجه لاستخدام مياه الصرف الصحي كبديل للمياه العذبة لري المحاصيل، وهذا بعد معالجتها.
4- استخدام مياه الأمطار
ليس هناك أفضل عند الحديث عن ترشيد استهلاك المياه في الزراعة من استخدام مياه الأمطار، فإن المميز في مياه الأمطار هو أنها عذبة، لذا لن تحتاج إلى أي عمليات تحلية، أو تكرير، لأنها صالحة للاستخدام المباشر طالما تم جمعها بآلية تحافظ على طبيعتها الأصيلة، بالإضافة إلى أنها لا تحتاج الكثير من المعدات للحصول عليها، فيمكن تصريفها في خزانات، وتصبح جاهزة للاستخدام.
في النهاية ترشيد استهلاك المياه للزراعة أمر لابد منه، ولا يمكن الاستغناء عنه، وهذا لأنه اليوم، وإن كانت البشرية تستطيع التعامل مع النقص المستمر الذي يحدث في كميات المياه حول العالم، إلا أنه مستقبلًا قد لا تجد الأجيال القادمة ما تروي به ظمأها ليس محصولها فقط. لذا، فـ العثور على بدائل للري الزراعي، والاعتماد عليها في أسرع وقت ممكن قد يقينا مستقبليًا من أن نواجه مشكلة حقيقية في نقص المياه.